الشيخ يسري البلتاجي .. وداعاً

تابعنا على:   16:30 2023-06-10

نعمان فيصل

أمد/ بحزن وألم، أُنعي الشيخ يسري البلتاجي، فقد كان رحمه الله عالماً بحق وصدق، وهو من عقلاء الشعب الفلسطيني ومخلصيه، وكان على صلة بالحياة ودراية بالمجتمع، يخاطب عواطف الناس كما يخاطب عقولهم، وهو المؤمن العارف بالمضامين العميقة لكتاب الله وواقع المسلمين، فبرع في تفسير القرآن، وغاص في دقيق معانيه، ومارس دوراً تنويرياً في مواجهة القيم المغلوطة والكراهية الفكرية التي تمزق المجتمعات وتهدم بنيانها وتماسكها، وفي حياته ضرب الشيخ الأمثلة في حفظ الكرامة والجهر بكلمة الحق، وقدم صورة ناصعة للإسلام تفارق تماماً صور التسييس والتحزب، وتحلى بالشجاعة التي تستهين بالأخطار في سبيل الحق، وإرادة لا تقف أمامها العقبات، وغير ذلك من أسباب النجاح والخلود على مر الأيام.

فقد جمع الشيخ يسري البلتاجي – رحمه الله - كل العوامل التي جعلت منه رجلاً فاضلاً في مجتمعه في مجال الدعوة لدين الله من وراثة طيبة، وبيئة صالحة تزخر بالعلم وتدفع إليه دفعاً، فهو ينحدر من بيت علم وصلاح، فعمه الشيخ الجليل العالم "كامل البلتاجي"، وصدق العليم الحكيم إذ يقول: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه)، ومن أصدق من الله قيلا، وللبيئة – كما للوراثة – أثرها الكبير في الإنسان، وكان جوهر قوة هؤلاء العلماء والفقهاء وكبار رجال الدين هو الدين نفسه.

ولا زلت أتذكر موقفه الرائع في لقطة حية محفوظة بين تلافيف الشريط الدماغي الخاصة بزمن الصبا عندما وقف المرحوم الشيخ يسري البلتاجي على مسافة واحدة بين جميع فئات الطيف الفلسطيني أفراداً وجماعات، وذلك حين شهدنا بداية مسلسل الخلافات الحزبية العنيفة، وهي تدب في صفوف حركتي فتح وحماس في حي الشجاعية عام 1990، وبفضل الرؤية الثاقبة الواضحة المستنيرة والجهد الدؤوب للشيخ، وئدت الفتنة يومها في مهدها في صورة جلية للحفاظ على النسيج الوطني الواحد، إلا أن الانقسام البغيض يأبى أن يغادر ساحتنا، ويمسي نزيلاً جديداً في جسد فلسطين المنهك بالاحتلال، وها هو يزيد من أنين الناس تحت وطأته الثقيلة في هذه الأيام.. قاتل الله الانقسام.

وفي الختام، ندعو الله – جلت قدرته - أن تكون جميع أقوالنا شاهدة له بالخير، وأن يكرمه في دار مثواه، وأن ينزله منازل الذين أحسنوا عملاً.

كلمات دلالية

اخر الأخبار